يقاطع الأحزاب ويتجاهل المنظمات.. من أين يستمد الرئيس قيس سعيد قوته؟

تاريخ النشر:
21 أغسطس 2021 18:57 GMT

تاريخ التحديث: 21 أغسطس 2021 19:50 GMT

تثير المساندة الشعبية غير المسبوقة للرئيس التونسي قيس سعيّد، تساؤلات لدى الرأي العام حول مرتكزاتها، خاصّة أن الرئيس ليس له حزب سياسي، ويعارض كل الأحزاب ومكوّنات المنظومة السياسية.

وكشفت آخر استطلاعات الرأي المحلية في البلاد، أن 91% من الشعب التونسي يساندون رئيسهم، بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها في 25 يوليو/تموز الماضي.

ظاهرة غير مسبوقة

ويؤكّد مراقبون أن الرئيس التونسي معارض للمنظومة الحزبية في البلاد، ولا يهتم بكل التنظيمات السياسية والمدنية، وسبق له أن تبرّأ من كل الأحزاب التي حاولت الانتساب له، ولا يقبل أيضا بالعمل مع هذه المنظمات الحزبية والمدنية والنقابية، بدليل امتعاضه من الدعوات المتصاعدة، التي طالبته بخريطة طريق للمرحلة المقبلة.

كما التقى الرئيس التونسي المنظمات الاجتماعية مرّة واحدة خلال نهاية الشهر الماضي.

وتؤكّد تقارير محليّة أن علاقة الرئيس بالاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية) يسودها البرود، ما يثير تساؤلات حول مصدر المساندة غير المسبوقة التي يتمتع بها الرئيس التونسي.

ووصف المحلل السياسي محمد علي خليفة الرئيس التونسي قيس سعيّد بـ“الشخصية الاستثنائية“، لأنه لا يبحث عن مساندة أي طرف سياسي أو مدني، ومع ذلك فإن شعبيته تتقدم في تونس.

وأضاف خليفة في تصريحات لـ“إرم نيوز“ أن ”صعود الرئيس التونسي في الانتخابات الماضية، ودخوله قلوب أغلب التونسيين ظاهرة تستحق الدراسة، ذلك أنّه قاد حملة انتخابية بسيطة، تمكّن خلالها من الإطاحة بأعتى المنافسين الذين وظّفوا تمويلات ضخمة في الانتخابات الماضية“.

وقال خليفة إن ”فوز الرئيس التونسي قيس سعيّد بالانتخابات السابقة، وكسبه تأييدا شعبيا غير مسبوق وخالف كلّ النظريات السياسية، وأنتج نظريات جديدة، مفادها أن السياسة المستقبلية تقوم على الأخلاق وقيم النزاهة والمصداقية“.

المراهنة على سقوط المنظومة السياسية

من جهته، رأى الباحث محمّد ذويب أنّ ”الرئيس التونسي يستمد قوته من تآكل شعبية المنظومة الحزبية برمتها وكل الأحزاب تقريبا بسبب عدم قدرتها على تغيير واقع التونسيين، أو المبادرة بحلول“، مضيفا أن حالة الانحسار التي تعيشها الأحزاب ضربت بدورها المنظمات الاجتماعية و النقابية الكبرى.

وفسّر محمّد ذويب في تصريحات لـ“إرم نيوز“، المساندة الشعبية الواسعة لرئيس الدولة قيس سعيّد، بـ“ثبات مواقفه المبدئية في مقابل تصاعد الغضب الشعبي ضد المنظومة السياسية“.

وأضاف أنه ”جسّد الإرادة الشعبية لأغلب التونسيين في مقاومة الفساد المستشري في البلاد“.

ورأى محمد ذويب أن الرئيس التونسي أعاد صياغة التعاقد بين السياسي والمواطن على قاعدة قيم أخلاقية، مخالفا بذلك كل التنظيمات السياسية التي تشتغل بآليات الديمقراطية التمثيلية، وتطلق الوعود باستمرار دون القدرة على تحقيقها.

بدوره، اعتبر البرلماني المنتمي إلى حزب التيار الديمقراطي لسعد الحجلاوي، أن الرئيس التونسي يستمد سنده الشعبي الواسع، من فشل المنظومة السياسية، خاصّة قبل 25 يوليو/تموز  الماضي.

وأشار إلى أن ”المسألة السياسية الأكثر تأكيدا تتعلّق بالاقتراب من هموم الناس وليس التنظير الأيديولوجي وتقسيم الغنائم“.

وأضاف لسعد الحجلاوي، في تصريحات لـ“إرم نيوز“ أنّ ”تجربة الحكم وخيباتها المتتالية للأحزاب السياسية، وتحالف المال والسياسة، جعل التونسيين يفقدون الثقة في من يحكم، وفي الدولة ومؤسساتها التي أصبحت تُحكم“.

ولفت إلى أن ”هذه الوضعية، جعلت المواطن يبحث عن أفق جديد يقطع مع منظومة الحكم الفاسدة، ومع حالة العبث المستمرّة“.

كما رأى الحجلاوي أنّ ”رئيس الدولة، التقط الإرادة الشعبية الطامحة لإنهاء منظومة الحكم الفاسدة، ما يفسر الالتفاف الشعبي الواسع حوله بعد اتخاذه تلك القرارات الاستثنائية، وخروج الناس إلى الشوارع تعبيرا عن الفرح بانتهاء مرحلة و بداية مرحلة جديدة“.

تنسيقيات

المحلل السياسي رياض حيدوري، رأى أنّ ”الحاجة مؤكّدة ليبلور الرئيس التونسي تيّارا سياسيا، يستغل هذا التكاثف الشعبي غير المسبوق للمنافسة في الانتخابات التشريعية المقبلة“.

واضاف أن التصوّر الذي عبّر عنه أنصار رئيس الدولة في الحملة الانتخابية الماضية، يعتبر أن ”الأحزاب تقتل المشاريع ولا يمكن تشكيلها لمساندة الرئيس“.

وأضاف حيدوري في تصريحات لـ“إرم نيوز“، أن ”الحديث عن تنسيقيات تدعم رئيس الدولة يعني أن العديد من المجموعات الشعبية تشكل نواة تفكير حول قيس سعيّد خالية من كل زعامات سبق لها أن قادت الحملة الانتخابية الرئاسية لقيس سعيّد، وتستمر في مساندته في الوقت الراهن في انتظار كشفها عن التنظم المقبل“.