5 معالم تجعل تونس منارة سياحية ثقافية حضارية
ليست تونس، بتاريخها وحضارتها، دولة سياحية استثنائية وحسب، بل لطالما كانت ملتقى الثقافات العالمية، ومركزاً للعديد من الدول المطلة على البحر المتوسط تارة، والدول المغربية والأفريقية طوراً. ولعل موقعها الجغرافي سبب في غناها التراثي والثقافي، ولذا باتت مقصد الكثير من الزوار، وملتقى الفنانين والرسامين والشعراء.
تونس التي تعود جذورها التاريخية إلى مئات السنين، تجذب الكثير منا لاكتشافها. لا يمكن أن يمر الزائر من هناك، من دون أن يزور آثارها ومتاحفها. فكل مدينة من مدنها تضم متحفاً خاصاً بها، يعرض أغلى المقتنيات. ولعل متحف بوردو، الأشهر في الدولة، مثال حي على ما يضمه من قطع أثرية.
يُعتبر ثاني متحف في العالم بالنسبة إلى فن الفسيفساء الرومانية، بعد متحف فسيفساء زيوغما في تركيا، وتشمل مجموعته آلاف اللوحات الفسيفسائية الرومانية التي يعود تاريخها من القرن الثاني قبل الميلاد إلى ما بعد القرن السادس الميلادي.
مدينة تونس القديمة
تتميز عادة البلدات القديمة بذلك الطراز التقليدي الذي يظهر بشكل واضح في معالمها. والمدينة القديمة في تونس مثال حي لهذا الطراز، سواء لناحية الأزقة، أو الشوارع المرصوفة بالحصى، أو المحال التجارية الصغيرة.
يعود تاريخ البلدة القديمة إلى العام 698، وكانت أول المدن في الدول المغاربية التي تدخلها الحضارة الإسلامية، وهو ما يظهر من خلال طريقة هندسة البيوت المحيطة بالمدينة.
تضم 700 نصب من قصور ومساجد وأضرحة ومدارس وغيرها من الآثار التي تشهد على تاريخ المدينة العريق. وبالإضافة إلى احتوائها النصب التذكارية والمواقع الأثرية، فإن زيارتها بمثابة فرصة للتعرف على الكثير من التقاليد، وشراء المقتنيات الأثرية والهدايا التذكارية. أما مطاعمها، فهنا تبدأ قصة أخرى، تجمع هذا التناغم في مكونات المطبخ العربي والمغربي.
مدرج قرطاج الأثري
أبى التاريخ الفينيقي أن يبقى محصوراً ضمن حدود لبنان، حيث تخطى ذلك إلى مدينة قرطاج، التي لا تضم آثاراً فينيقية وحسب، بل أيضاً تاريخ حقبة زمنية من الذكريات القديمة.
شهد مدرج قرطاج مئات الاحتفالات الفنية الغنائية العالمية، وكان محطة هامة لزيارة الوفود الأجنبية للوقوف أمام عظمة هذا الصرح. يتميز أيضاً بإطلالته البانورامية على البحر المتوسط، حيث مراكب الصيادين تجول في الأفق.
على الرغم من أن مدينة قرطاج تم تدميرها بالكامل في الحرب البونيقية الثالثة في عام 146 قبل الميلاد، ولكنها ما زالت وجهة ساحرة تستحق الاكتشاف، تضم مدينة قرطاج، إضافة إلى مدرجها الشهير، مكتبة عمومية ومركزا ثقافيا و20 رواقا فنيا، فضلا عن متحف قرطاج و20 متنزهاً.
مدينة سيدي بوسعيد
صحيح أن مدينة سيدي بوسعيد جذبت الزوار لإطلالتها البحرية، وألوان منازلها، حيث يطغى اللونان الأبيض والأزرق، لكنها أيضاً مدينة تراثية بامتياز، نظراً للشكل الهندسي للمباني والبيوت، والشوارع ذات الطابع الأندلسي.
تعود نشأة مدينة سيدي بوسعيد لزمن الفينيقيين الذين أسسوا مدينة قرطاج، حيث كان جبل سيدي بوسعيد يطلق عليه اسم “جبل المنار” أو “جبل المرسى”، مطلاً على قرطاج، وعمد الفينيقيون إلى تحويل الجبل مركزاً للمراقبة خوفاً من أي أعتداءات، وبدأوا بإعمار المدينة على الطراز الفينيقي، ومع مرور الزمن، ونتيحة الغزوات، اكتسبت المدينة أهميتها، وباتت مقصداً للعديد من الشعوب، الأمر الذي جعلها اليوم بهذا الغنى الثقافي.
المدينة ليست فقط صرحاً ثقافياً وتراثياً، بل هي أيضاً مكان للاسترخاء والاستمتاع بنقاء مياه البحر المتوسط، وخوض تجربة الإقامة في بيوت طينية، وتذوق الأطعمة التقليدية.
مدينة دقة
مدينة لم تكن مقصد الزوار، على الرغم من كونها على لائحة التراث العالمي لمنظمة يونسكو منذ العام 1997. تقع في الشمال الغربي في تونس، واعتبرت أفضل مدينة رومانية محفوظة في شمال أفريقيا.
نتيجة موقعها في وسط منطقة زراعية، لم تصل إليها آثار الزحف العمراني، ولذا لا تزال محافظة على طابعها الفني القديم. تمتد المدينة على مسافة 70 هكتاراً، وتضم آثاراً تعود إلى التاريخ البونيقي، النوميدي، الروماني والبيزانطي. وبحسب السكان المحليين، فإن اسم المدينة يعني الجبل الصخري.
ومن أبرز الآثار التي تزين المدينة المسرح الروماني، الذي عرضت فيه المسرحيات والطقوس الدينيّة، ومبنى الكابيتول، الذي يحتل أكبر مساحة من بين المباني الأخرى، وهو عبارة عن معبد، إضافة إلى ضريح “آتيبان بن أبتيمتاح”، أحد أمراء نوميديا، ويبلغ طوله 21 متراً.
ملامح اقتصادية
على الرغم من شدة جمالها، وما تتمتع به من أماكن طبيعية وسياحية مميزة، إلا أن اقتصادها لا يزال يعاني. فقد حث صندوق النقد الدولي، في منتصف يناير/ كانون الثاني، تونس على ضبط كتلة الأجور ودعم المخصص للطاقة والتحويلات إلى الشركات العامة، محذرا من أن العجز في الميزانية قد يرتفع إلى أكثر من تسعة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في حال غياب هذه الإجراءات.
وتعاني المالية العامة التونسية من وضع صعب للغاية، حيث يتوقع أن يبلغ العجز المالي 11.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021، وهو الأعلى منذ ما يقرب من 4 عقود.
ويتوقع صندوق النقد نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.8% هذا العام، مقارنة بانكماش قياسي قدره 8.2% متوقع في 2020.
وبعيداً من لغة الأرقام، فإن اقتصاد البلاد يعتمد بشكل كبير على السياحة والزراعة وبعض الصناعات الصغيرة التي تشمل الصناعات التحويلة والغذائية.
تكاليف زيارة تونس ليست مرتفعة، ويمكن للزائر أن يجد الفنادق ذات الجودة العالية، بأسعار تنافسية، في المناطق والقرى، وخارج أيام الذروة، حيث تصل الأسعار إلى 20 دولاراً. أما أسعار الطعام، فهي في متناول الجميع، ويمكن الاستمتاع بوجبة تقليدية بسعر لا يتعدى 7 دولارات، بحسب ما جاء في موقع “نمبيو” numbeo.
تابعوا Tunisactus على Google News