تونس: تثبيت سعر الفائدة يحبط الأوساط الاقتصادية
تونس: تثبيت سعر الفائدة يحبط الأوساط الاقتصادية
لم يستجب مجلس إدارة البنك المركزي التونسي لتطلعات قطاع الأعمال، الذي كان يترقّب خفضا لسعر الفائدة عقب تسجيل تراجع مهم في نسبة التضخم التي تحاربها مؤسسة الإصدار المالي منذ أكثر من سنتين بإجراءات متشددة.
وأعلن البنك المركزي التونسي أنه قرر الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير في حدود 8 بالمائة. وقال المركزي في البيان الصادر عن مجلس إدارته إنه “قرر الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي التونسي دون تغيير، في مستوى 8 بالمئة”.وحسب البيان، فإن “المسار المستقبلي للتضخم لا يزال محفوفا بالمخاطر، نتيجة لارتفاع الأسعار العالمية وذلك في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية وتفاقم الشح المائي واحتداد الضغوط المسلطة على المالية العمومية”.ويعد تثيبت سعر الفائدة عند مستوى 8 بالمائة هو أول قرار للمحافظ الجديد فتحي زهير النوري، الذي جرى تعيينه في منتصف فبراير/ شباط الماضي.لكن خفض نسبة الفائدة من المطالب الأساسية لقطاع الأعمال الذي يعاني من شطط الفائدة على قروض الاستثمار، حسب المراقبين، الذين أشاروا إلى أن الفائدة ترهق الأسر المكبلة بالديون وتلقى بتداعياتها على الاستهلاك والمشاريع الصغرى.ويستقر سعر الفائدة في مستويات عالية منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهو تاريخ زيادة الفائدة الرئيسية بـ75 نقطة أساس لتصل إلى 8 بالمائة، وكان الرفع الثالث في عام 2023.
ويعتبر أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية والخبير المالي آرام بالحاج أن قرار تثبيت الفائدة خالف كل توقعات الاقتصاديين والمستثمرين، الذين انتظروا تعديلا في نسبة الفائدة نحو التخفيض بـ25 نقطة أساس على أقل تقدير من أجل بعث رسائل تحفيزية للمنتجين.وقال بالحاج في تصريح لـ”العربي الجديد” إن محافظ البنك المركزي الجديد فتحي زهير النوري كان من المدافعين عن فكرة خفض الفائدة، وسبق أن طالب بذلك قبل تقلّد المنصب، غير أن مجلس إدارة المؤسسة رأى قرارا مخالفا.وأكد المتحدث أن البنوك المركزية الكبرى أفصحت عن نيّة خفض الفائدة على المستويين القريب والمتوسط بعد تسجيل تراجع في التضخم العالمي.وعانت تونس بحدة من تداعيات تفشي جائحة كورونا، ثم ارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية؛ إثر اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/ شباط 2022.ويرى أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية أن لسعر الفائدة المكلف تداعيات على قطاعات حيوية، من بينها التطوير العقاري الذي دخل في مرحلة ركود شامل من أسبابه عدم قدرة التونسيين على النفاذ للقروض البنكية.ويرجح الخبير المالي أن يعدّل البنك المركزي رؤيته بشأن سعر الفائدة في حال نجاح الحكومة في حوكمة مسالك التوزيع وتحسين العرض في السلع لمكافحة أسباب التضخم.وتشكو تونس من أزمة اقتصادية متفاقمة مع ارتفاع في معدلات التضخم وأسعار المواد الأساسية، وتراجع الإنتاج الزراعي بسبب الجفاف وندرة الأمطار، وتسعى الحكومة إلى خفض العجز المالي إلى 6.6 بالمائة في 2024 من 7.7 بالمائة في 2023.وقبل أيام، عدّلت وكالة موديز نظرتها المستقبلية إلى تونس من سلبية إلى مستقرة وثبتت تصنيفها عند CAA2، متوقعة أن تخضع احتياطيات البلاد لسحب محتمل، لكنها ستستمر في توفير تغطية للواردات لمدة 3 أشهر على الأقل بحلول نهاية عام 2024.وقالت وكالة التصنيف الائتماني: “نتوقع استمرار مستوى مماثل من المساعدة المالية من شركاء تونس الثنائيين ومتعددي الأطراف حتى من دون برنامج من صندوق النقد الدولي”.كما اعتبرت أن “تثبيت التصنيف CAA2 لتونس يعكس درجة عالية من الضبابية بشأن مصادر التمويل وسط احتياجات تمويل كبيرة”.
ويعتبر رئيس الجمعية التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزاق حواص أن قرار تثبيت الفائدة جاء محبطا لطيف واسع من المستثمرين، الذين انتظروا دفعا ماليا عبر خفض الضرائب أو مراجعة سعر الفائدة المشط.ويقول حواص، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن كلفة القروض تقلّص من تنافسية السلع التونسية في محيطها المغاربي والمتوسطي، حيث تعد الفائدة في تونس الأعلى في المنطقة.واعتبر حواص أن نسبة الفائدة العالية تصدم قطاع الأعمال وتفرمل محركين أساسيين للنمو وهما الاستثمار والاستهلاك.ويرى حواص أن زيادة سعر الفائدة لكبح التضخم من الآليات الكلاسيكية التي تعتمدها البنوك المركزية، غير أنها غالبا من تخلّف نتائج سلبية على مناخ الأعمال وتطيح آلاف المستثمرين ممن يفقدون القدرة على النفاذ إلى السوق والحصول على تمويلات لتسيير أعمالهم.وقال حواص إن “تثبيت سعر الفائدة في مستويات عالية من بين مطالب صندوق النقد الدولي، الذي يحث السلطات على خفض الواردات من أجل توفير إيرادات بالعملة الصعبة لسداد أقساط ديونه المستحقة”.لكن اتفاقاً بين تونس وصندوق النقد الدولي للحصول على تمويل بـ1.9 مليار دولار تأخر مدة 48 شهراً بسبب ضغوط سياسية وتعذر الحكومة عن اتخاذ إجراءات تقشف طلبها الصندوق.كذلك لم يتجاوز النمو الاقتصاد لعام 2023 نسبة 0.4 بالمائة، وسط توقعات بأن تصعد هذه النسبة إلى 1.6 بالمائة خلال العام الجاري رغم إعلان رئيس الحكومة أحمد الحشاني أنها ستكون في حدود 3 بالمائة.
#تونس #تثبيت #سعر #الفائدة #يحبط #الأوساط #الاقتصادية
تابعوا Tunisactus على Google News