تونس ـ سعيد يشدد قبضته الأمنية ويضع الاتحاد الأوروبي في مأزق – DW – 2024/5/29
احتجاجات في تونس ولو لم تكن بالزخم الكبير، إذ خرج مئات الأشخاص إلى الشوارع في تونس خلال الأيام الأخيرة، للاحتجاج ضد سياسات الرئيس قيس سعيد. وبحسب تقارير إعلامية، هتف المتظاهرون بشعارات من بينها “تسقط الدكتاتورية” ضد الرئيس الذي يزداد تشددا تجاه منتقديه ومعارضيه. اندلعت الاحتجاجات الحالية بسبب أحكام قضائية صدرت مؤخرا، عندما حُكم على صحفيين اثنين، المذيع برهان بسيس والمعلق السياسي مراد الزغيدي، بالسجن لمدة ستة أشهر بتهمة نشر “أخبار كاذبة”، وستة أشهر إضافية بتهمة نشر “أنباء تحتوي على معلومات كاذبة بهدف التشهير بالآخرين”. في الشهر ذاته، وتحديداً يوم 11 مايو، اقتحمت قوات الأمن مقر نقابة المحامين في تونس لاعتقال المحامية سنيا الدهماني. لكن ليست الدهماني أو الصحفيين المذكورين هم الوحيدون الذين تم اعتقالهم، فمنذ دخول المرسوم 54 المشهور سيئ السمعة حيز التنفيذ في عام 2022، وهو الذي يجرّم نشر “معلومات كاذبة”، تمت مقاضاة أكثر من 60 صحفيا ومحاميا ومعارضا، وفقا لأرقام اتحاد الصحفيين التونسيين. لماذا التعديل الوزاري؟ بالتوازي مع الاعتقالات، يثير موضوع سياسي آخر جدلاً في تونس هذه الأيام، إذ أقال قيس سعيد وزير داخليته كمال الفقي، ثم وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي دون توضيح الأسباب، رغم أن الأول كان يعتبر مقربا منه، كما استحدث منصب كاتب دولة لدى وزارة الداخليّة مكلّف الأمن القومي، في إجراءات ربطها كثيرون بمحاولة قيس سعيد السيطرة على الاحتجاجات. وترى إيزابيل ويرينفلز، خبيرة شؤون المغرب العربي في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية ببرلين، أن اعتقالات الصحفيين وتغييرات الموظفين داخل الحكومة ترتبط بالانتخابات الرئاسية المقررة في موعد أقصاه أكتوبر/تشرين الثاني، وتوضح: ” يبدو ذلك شبيهاً بنظرية المؤامرة بالنسبة لي. لكن من الأرجح أن سعيد استبعد اثنين من السياسيين المخلصين له، حتى يحصل على دعمهما في حملة الانتخابات الرئاسية القادمة في أكتوبر.” بالرغم من أن سعيد لم يؤكد رسمياً موعد الانتخابات، إلا أنه لم يلغيها أيضاً. “في كلتا الحالتين، يبدو أنه يحاول إسكات أي أصوات قد تعرضه للخطر.” وهذا، بدوره، يهدف إلى إضعاف المجتمع المدني ككل، تؤكد ويرينفلز لـDW. هل يريد القضاء على المعارضة؟ في الوقت ذاته، يزداد استهداف قيس سعيد لمعارضيه بشدة، وفقًا لما قاله رياض الشعيبي، المستشار السياسي للزعيم المعتقل لحركة النهضة الإسلامية، راشد الغنوشي ، لـ DW، مضيفاً أن “الدولة تستغل الأحكام القانونية بشكل تعسفي، وأن الهدف هو القضاء على أي منافسة لقيس سعيد وتحييد أي مرشح معارض قبل موعد الانتخابات.” تؤكد أميرة محمد من نقابة الصحفيين التونسيين هذا الأمر، إذ تقتنع هي وزملاؤها أن الاعتقالات والسجن هي “انتهاكات مستهدفة”، وتشدد أنه “تحت ذريعة مكافحة الفساد، الحكومة تهاجم جميع المنظمات المدنية والأحزاب، وتحاول القضاء على أي منتقد لسياساتها”، وفق تعبيرها. في الواقع، لدى سعيد سبب للقلق، وفقًا لتحليل من مركز بروكسل الدولي، إذ “تبدو قاعدة الدعم المزعومة لسعيد غير مبالية بشكل متزايد، مما يشير إلى انفصال عميق بين الشعب والمؤسسة السياسية”، يشير التحليل، الذي ركزت كاتبته ياسمين أمريكي، على تراجع معدلات المشاركة السياسية، ففي الانتخابات البلدية بداية العام، شارك فقط 12.44 في المئة من الناخبين المؤهلين، وهو ما وقع في انتخابات سابقة، لدرجة أن البلد يتجه حسب أمريكي إلى نوع من “اللامبالاة السياسية.” لمواجهة القمع، يستمر التحدي أمام الصحفيين، توضح أميرة محمد. “الشيء الوحيد الذي يمكننا القيام به هو الاستمرار في المقاومة والتنسيق بشكل أفضل. فقط بهذه الطريقة يمكننا حماية المواطنين ومراقبة التصرفات السياسية للسلطات.” مأزق الاتحاد الأوروبي يواجه الاتحاد الأوروبي مأزقًا في ضوء تصرفات الحكومة التونسية. ركز التكتل على تطوير الديمقراطية في البلاد منذ ما يسمى بـ”الربيع العربي” عام 2011، خصوصا مع الآمال الكبيرة التي ألقيت على تونس كمنارة لحقوق الإنسان في المنطقة، لكن سياسات قيس سعيد أثارت انتقادات كبيرة من المنظمات الحقوقية وبشكل خافت من الاتحاد الأوروبي نفسه. قيس سعيد مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاينصورة من: AFP ومن جهة أخرى، يعتمد الاتحاد بشكل عاجل على تونس للتحكم في الهجرة غير النظامية، خاصة من دول أفريقيا جنوب الصحراء. ولهذا الغرض، أبرم الاتحاد اتفاقية شراكة مع تونس، يمنحها بموجبها أكثر من مليار يورو، بما في ذلك حوالي 105 ملايين يورو للحد من الهجرة غير النظامية، وهي الاتفاقية التي تعرّضت لانتقادات شديدة من منظمات حقوق الإنسان بسبب التعامل القاسي للسلطات التونسية مع المهاجرين وطالبي اللجوء. في مواجهة هذا التحدي، توضح ويرينفلز أنه يجب على الاتحاد الأوروبي إيجاد طريقة للتوازن بين هاتين المصلحتين: “من المهم لبروكسل أن تستمر على الأقل العمليات الديمقراطية مثل الانتخابات في تونس”، تقول ويرينفلز، مستدركة “مع ذلك، قد يتم التغاضي عن عمق هذه العمليات الديمقراطية وحقيقة نجاعتها”. لكن لا تظهر المهمة سهلة في دولة كانوا ينظرون لها على أنها شريكة، فالرئيس التونسي كان أحد رؤساء الدول العربية القلائل الذين حضروا جنازة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي. التعزية ليس مجرد “واجب دبلوماسي”، فقد يريد من خلالها سعيد إرسال رسائل أنه لا يرى في أوروبا وجهة وحيدة للتعاون الدولي، ما يجعله شريكا صعبا للاتحاد. أعده للعربية: ع.ا في صور: طريق وعر في تونس من الثورة حتى “دستور سعيّد”خطوات الرئيس سعيّد، تقلق منتقديه على مكاسب الديمقراطية الناشئة. فيما يلي محطات في طريق تونس الوعر بدءاًً من ثورة 2011 إلى الأزمة السياسة والإقتصادية التي بلغت ذروتها، ووصولا إلى خطوات سعيّد الحثيثة للاستحواذ على السلطة.صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
#تونس #سعيد #يشدد #قبضته #الأمنية #ويضع #الاتحاد #الأوروبي #في #مأزق
تابعوا Tunisactus على Google News