- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سمير الشفي: نجدد دعوتنا للرئيس للإسراع في العملية الإصلاحية ذات البعد التشاركي وتجاوز المرحلة الاستثنائية | القدس العربي

حاورته: روعة قاسم

يعدّ الاتحاد العام التونسي للشغل أحد أهم المنظمات الوطنية الوازنة والمؤثرة في مختلف المحطات التاريخية الهامة، وقد لعب دورا وطنيا في انقاذ تونس من عديد الأزمات التي واجهتها في مراحل عديدة. واليوم، وفي خضم الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد، قدّم الاتحاد وانطلاقا من كونه ضمير الشعب ووعيه، مبادرة للخروج من هذه المرحلة الاستثنائية وهي عبارة عن خريطة طريق تشاركية. في هذا الحديث الخاص لـ«القدس العربي» يتطرق الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل سمير الشفي لأهم الاستحقاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تواجه البلاد، موضحا رؤية الاتحاد لمختلف التحديات محليا وعربيا. وفي ما يأتي نص الحوار.
○ بداية لو توضح لنا دور الاتحاد العام التونسي للشغل ماضيا وحاضرا ومستقبلا، وانطلاقا من ذلك لو توضح لنا مبادرة الاتحاد الأخيرة بشأن وضع خريطة طريق لإنهاء المرحلة الاستثنائية؟
•طبعا الاتحاد له ماض زاخر في النضال الوطني ضد الاستعمار الفرنسي المباشر والنضال الاجتماعي في علاقة ببناء الدولة الوطنية الحديثة، بعيد خروج المستعمر والانحياز إلى الاستحقاقات المادية والاجتماعية لعموم الشغّالين والتونسيين. ثم تطور هذا الدور عبر تطور المجتمع واستحقاقاته الاجتماعية والسياسية والثقافية وغيرها، إلى ان وصلت العلاقة ما بين السلطات الحاكمة في تلك الحقب والاتحاد إلى حالة من التجاذب والتنافر في علاقة باستقلالية قراره النقابي وعدم السماح للحزب الحاكم بالتدخل في شؤونه الداخلية والسعي لإملاء مواقفه السياسية على الاتحاد. وهو ما أدى، كما يعلم الجميع، إلى الأزمات التي حصلت في تونس والتي كان عنوانها الأكبر هو نضال الاتحاد من أجل استقلالية قراره النقابي وانحيازه إلى القضايا الاجتماعية وللحركة الديمقراطية التي بدأت تتبلور في أواخر الستينات والسبعينات وتعاظمت في الثمانينات في علاقة بالحريات العامة والفردية وحقوق الإنسان وحق التنظمّ والصحافة. وقد دفع العمال والنقابيون ضريبة قاسية من أجل كل هذه الحقوق والتي كان عنوانها الأبرز الاضراب العام ليوم 26 كانون الثاني/يناير 1978 والذي أدى إلى سقوط المئات من الشهداء والجرحى والآلاف من المعتقلين. وبالتأكيد بعد كل هذه الحقب من العطاء والنضال الوطني والاجتماعي برز الاتحاد كخيمة وطنية جامعة ساهمت ولا تزال في إحداث التوازن السياسي والاجتماعي. وتأكّد هذا الدور من خلال ثورة 17 كانون الأول/ديسمبر و14 كانون الثاني/يناير 2011 ومن خلال احتضانه للتحركات الاحتجاجية وانحيازه للانتفاضة التي تحولت فيما بعد إلى عملية ذات عمق شعبي مطالبة بالتغيير وبإسقاط منظومة الاستبداد والفساد. وهو ما ترجمه بالاضرابات العامة الجهوية وكانت بدايتها التاريخية بإضراب كانون الثاني/يناير 2011 في صفاقس والذي نجح في دق أسفين في منظومة الاستبداد والفساد. وتوجّت هذه المواقف صلب الاتحاد بالاضراب العام ليوم 14 كانون الثاني/يناير الذي أعلن نهاية مرحلة من النظام النوفمبري. وانتقلنا بعد ذلك إلى مرحلة إعادة بناء أو السعي إلى إعادة بناء منظومة ديمقراطية تأخذ بعين الاعتبار الاستحقاقات الاجتماعية ومطالب الشعب في الحرية والشغل والسيادة الوطنية والكرامة. طبعا حصلت في تلك المرحلة الانتقالية تجاذبات وصدامات وعنف واغتيالات وكادت البلاد ان تعصف بها الحرب الأهلية لولا وقفة الاتحاد مجددا الذي وضع الأمور في نصابها وفرض على الجميع القطع مع أسلوب فضّ الخلافات بالعنف وبقوة السلاح وبكاتم الصوت، وتوّجت هذه المساعي والحوارات بحوار وطني تُوجّ بدوره بخروج حركة النهضة آنذاك من الحكم والتوافق على حكومة تكنوقراط كانت من مشمولاتها الرئيسية إعداد المجتمع لانتخابات شفافة وديمقراطية. وأثمر هذا الدور الطلائعي والوطني المهم نيل تونس، من خلال الاتحاد أساسا وشركاؤه الذين كانوا إلى جانبه في الحوار الوطني، جائزة نوبل للسلام. ومستقبلا فإن نفس هذه التوجهات والدور الاجتماعي والوطني بقي وسيظل قائما لأن الاتحاد لم يكن مجرد جمعية أو منظمة تبرز في مراحل مناسباتية بل هو ضمير هذا الشعب وولد من رحم معاناة وآماله وآلامه. وبالتالي سيبقى البوصلة الوطنية الصامدة والتي لا ولاء لها إلا لتونس ولشعبها ومصلحة ومستقبل البلاد.
○ ما تقييمكم للمسار الانتقالي الديمقراطي طيلة هذه العشرية ولماذا تعثّر أو فشل ؟
•نعم المسار الانتقالي فشل في تجربته الأولى، لكن الفشل لا يعني نهاية الطريق أو السقوط النهائي، بل هذا الفشل قد يكون مدخلا لإعادة بناء التجربة الديمقراطية والاجتماعية تأسيسا للدولة المدنية الاجتماعية العادلة والمنصفة والقادرة على الوفاء باستحقاقاتها السياسية. ونحن نعتقد أن من أسباب الفشل غياب البرامج الاقتصادية والاجتماعية من ناحية ثم عملية استقواء بعض الأحزاب على الدولة وعلى المجتمع سواء بالإمكانيات المادية أو الإعلامية أو حتى بالترغيب والاستنجاد بالداخل والخارج وبكل القوى التقليدية التي لفظها المجتمع في ثورة 17 كانون الأول/ديسمبر و 14 كانون الثاني/يناير، ومن هذه القوى التي كانت سببا رئيسيا في تفجّر الثورة، قوى الفساد والمحاصصة واللوبيات التي سببت في تفشي الظواهر الاجتماعية المزرية مثل البطالة والفقر والمحسوبية. هذه القوى التي كان شعبنا يعتقد أنها ستكون معينا له في تكريس خياراته وتطلعاته في الحرية والكرامة والشغل والعدل الاجتماعي وفي الحياة الديمقراطية السليمة، عملت ضد المصلحة العامة في علاقة بتعاظم دور المال السياسي الفاسد المتأتي من لوبيات الفساد ومن مراكز القوى الإقليمية والدولية. وهو ما عفنّ الأوضاع وجعل الولاء لتونس يضعف بشكل كبير لتصبح المصلحة الوطنية ثانوية أمام مصلحة اللوبيات التي هي بدورها مرتهنة إلى مصالح الآخر الأجنبي. فرهنت هذه القوى مستقبل أجيالها وسيادتها الوطنية إلى التجاذبات الإقليمية والدولية والتي عادة ما تكون ضد المصلحة الوطنية. هذه العوامل مجتمعة بالتأكيد أسهمت في نهاية التجربة الأولى من الانتقال الديمقراطي، وانا أتحدث عن جولة أولى ونهايتها لأني أؤمن بأن خيار بناء الدولة الديمقراطية المدنية الاجتماعية العاجلة هو قدرنا وهو خيار شعبنا ولا يمكن أن نفكر أو أن نسمح لأنفسنا بالبحث عن خيارات أخرى غير الخيار الديمقراطي السليم، والديمقراطية التي تنتصر لحرية الإنسان ولكرامته وحقه ولحرية الرأي والصحافة. ولكن هذه الحرية ببعدها السياسي لا بد ان تُدعّم بجناحها الآخر وهو الجناح الاجتماعي الذي ينهض بإنسانية الإنسان وكرامته، من خلال تأمين حقوقه الاقتصادية والاجتماعية حتى يكون حرا وقادرا على الاختيار والنقد وحسم القضايا المفصلية التي تهمه، ولا يكون ضحية فقره ليكون عبدا لمن يتكرمون عليه في مناسبات انتخابية ببعض الدعم.
وإلى جانب ما ذكرنا، هناك الاغتيالات السياسية التي خلقت شرخا كبيرا وطنيا في صفوف هذا الشعب، وتوسع الشرخ من خلال عجز القضاء التونسي عن كشف حقيقة من كان يقف وراء هذه الاغتيالات ومن أسهم ومن دبّر ومن أمّن هذه العمليات.
○ بناء على ما ذكرتم ما المطلوب برأيكم اليوم لإصلاح القضاء؟
•»القضاء» هو ملف مطروح يجب ان يُفتح بالطريقة التي تؤمّن لمجتمعنا ان يكون له قضاء عادل ومنصف ومستقل بعيدا عن التجاذبات السياسية وعوامل أخرى أيضا مهمة أثّرت في كل هذه القضايا. من ذلك ان نسبة الارتهان والتداين الخارجي لتونس أصبحت أمرا لا يطاق ولم يعد بإمكان الدولة تحمّل أعبائه لأنها تجاوزت 110 في المئة من الناتج الداخلي الخام وهي سابقة لم نعرفها من قبل. ناهيك عن أن الثورة التي أطاحت بنظام بن علي كانت نسبة التداين قبلها لا تتجاوز الـ 40 في المئة. واليوم نتحدث عن نسبة تداين تتجاوز 110 في المئة من الناتج وهي مؤشرات وأرقام تقيم الدليل على أن العشرية كانت عشرية فشل.
ومن هنا يمكن أن نفهم طبيعة حركة 25 تموز/يوليو والقرارات التي أتت إثر هذه التحركات من قبل رئيس الدولة. فهي ليست إلا ترجمة لمطالب الشعب بضرورة إنهاء هذه المرحلة بكل مساوئها، والتي لم تتوقف عند الفشل الاقتصادي والانهيارات الاجتماعية واتساع دائرة الفقر والبطالة والخصاصة وغياب الأمل واغتياله لدى مئات الآلاف من شباب تونس الذين هم من خيرة الشباب المتعلم خريج الجامعات الذي لم يعد ينظر إلى هذا الواقع النظرة التي تؤّمن له إمكانية بناء مستقبله هنا. وانطلاقا من هذه القضايا كان موقف الاتحاد الداعم لقرارات 25 تموز/يوليو من حيث أنها بمثابة الفرصة لشعبنا ولدولتنا ولتونس لإعادة تصحيح أوضاعها وتعديل أوتارها وتحدي بوصلتها بالرجوع إلى مطالب الشعب وانتظاراته واستحقاقاته.
والاتحاد في بيانه يوم 26 تموز/يوليو أكد على هذا الموقف ولكنه أيضا أرفقه بجملة من الاشتراطات والمطالب في علاقة بأن تكون هذه الإجراءات استثنائية ومحددة في الزمن ومؤقتة، وان يقع في هذه المرحلة الاستثنائية احترام كل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحقوق الإنسان بكل ما تعنيه من معان والتزامات تجاه السلطة. والاتحاد – في إطار دوره الوطني وانطلاقا من ايمانه بمصلحة تونس واستقرارها وتقدّمها وبأن ذلك هو مسؤولية وطنية لكل بناتها وأبنائها – تقدّم بجملة من الاقتراحات التي عنوانها الرئيسي البحث لإيجاد الآليات التشاركية ما بين القوى والمنظمات والأحزاب الوطنية والشباب، صاحب المصلحة الحقيقة بتغيير الأوضاع نحو الأفضل، وذلك لإيجاد الآلية التي من شأنها ان تكون حاضنة لحوار يقدّم التصورات الواقعية التي تؤمّن لتونس العبور إلى مرحلة البناء الوطني والديمقراطي والاجتماعي في جولته الثانية.
ومن خلال أيضا قراءتنا أعتقد جازما بأن من الأسباب التي أدّت إلى هذا الفشل -فضلا عما ذكرته في مستهل اللقاء- هناك إشكالية كبيرة بات الجميع على قناعة بضرورة إعادة النظر فيها وهي نظام الحكم. هذا النظام الذي وقع اختياره من خلال الدستور والذي يقسّم السلطة التنفيذية إلى رأسين وما يخلّفه من تجاذبات وصراعات وأزمات كادت تعصف بتماسك الدولة واستمرارها. نعتقد أنه من الحكمة والوفاء لتونس أن نعيد النظر في هذا النظام السياسي الذي لا يمكن ان ينتج الا الأزمات والتجاذبات والصراعات. ونحن نعتقد انه بعد استكمال هذه الإصلاحات الضرورية فيما يتعلق بالمرحلة المقبلة -والتي نأمل بأن تكون إصلاحات نابعة من خلاصة حوارات تشاركية ما بين القوى الوطنية المؤمنة بالتغيير وباستحقاقات شعبنا – يمكن الحديث عن المرحلة الموالية وهي العودة إلى الشعب باعتباره صاحب السيادة غير المطعون في مشروعيتها عبر صناديق الاقتراع. ونخلص إلى القول بان العودة إلى الشعب، صاحب الكلمة الأخيرة، هو العنوان الصحيح والدائم والثابت في كل المقاربات والاقتراحات التي يجب ان تقدّم للمرحلة المقبلة.
○ لكن هناك مطالب عديدة تتعلق بتغيير النظام الانتخابي الذي لا يعكس ربما التمثيلة الحقيقية للتونسيين فماذا تقولون؟
•نعتقد انه في كل مرحلة وفي علاقة بسيرورة الصراع والجدل الذي يحصل في أي مجتمع من المجتمعات، لا بد من ان تكون هناك مرحلة للتقييم ولا بد من ان يأخذ هذا التقييم مداه ولا بد ان نستخلص من هذا التقييم الإيجابيات والسلبيات. وفيما يتعلق بالقانون الانتخابي نعتقد بإن الإشكال لا يكمن في القانون الانتخابي فحسب انما في المنظومة الانتخابية برمتها. لان القانون بشكل مجرّد لا يمكن الحكم عليه سلبا أو إيجابا إذا عزلناه عن الآليات ذات العلاقة والقوانين والمؤسسات التي لها تدخل مباشر في العملية الانتخابية. نحن نعتقد انه لا معنى لقانون انتخابي سواء كان جيدا أو غير جيد ما لم يكن لنا إعلام محايد موضوعي وبعيد عن التوظيف الحزبي والمال السياسي والذي يؤثر على الرأي العام ويكون أداة من أدوات المعارك الانتخابية عبر توجيه الرأي العام، وهو أمر معاش في تونس ولنا تجارب عدة في هذا الجانب. وللتأكيد على ذلك فإن عديد الأحزاب السياسية المعروفة والتي كانت منذ 2011 إلى غاية 25 تموز/يوليو في الحكم، لها عديد القنوات المحسوبة عليها تمويلا وتوجيها وإدارة، والجميع يعلم ذلك. ومن ثم فإن الحديث عن انتخابات شفافة وديمقراطية من الناحية الشكلانية لا قيمة ولا معنى له طالما ان هناك مؤثرات أخرى غير شفافة وغير ديمقراطية وغير محايدة. ولا بد من ان تقع إعادة تنظيم الإعلام من خلال قانون جديد «للهايكا» الهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي البصري بما يثبت المحاسن في ذلك المرسوم القيمّ ويعالج بعض الهنّات أو أوجه التقصير. وأن يكون القانون هو الفيصل في كل الإخلالات التي قد تطرأ على مستوى المشهد الإعلامي، خاصة اننا نتحدث باسم الاتحاد ولا يمكن ان نتحدث عن إعلام حر ونزيه، بينما الغالبية الساحقة من الصحافيين لا يتمتعون بحقوقهم المادية والمعنوية وهي مسألة جوهرية. لا بد للصحافيين أن ينالوا من الأجور ما يحفظ كرامتهم ويصون حرية قلمهم وأفكارهم.
هناك مؤثرات أخرى في علاقة بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إذ لا بد ان تكون في طريقة اختيار أعضائها مستقلة فعليا، ولا يمكن ان نتحدث عن هيئة مستقلة والحال ان عملية اختيارها تمرّ عبر اقتراحات تتقدم بها كتل حزبية، وهي من الأشياء التي يجب إعادة النظر فيها. فضلا عن ذلك فإن هيئات سبر الآراء لا يوجد قانون ينظمها وهي يمكن ان تكون عاملا آخر في توجيه الرأي العام وصناعته وهذه قضية من القضايا المهمة. ولا بد أيضا من تفعيل القوانين المجرمّة للمال السياسي الفاسد الذي يؤثر على تكافؤ الفرص. ولدينا قضايا منشورة من خلال محكمة المحاسبات والتي أثبتت ان هناك أحزابا استخدمت هذا المال الخارجي وهو أمر ممنوع.
لا بد من تطوير هذه التشريعات بشكل يجعلها أكثر قدرة على الولوج لمصادر التمويل وإلى ان يكون التعاطي مع هذه التجاوزات قاطعا وحازما ومتشددا حتى لا تصبح عملية الاستقواء بالمال من الداخل أو الخارج مسألة سهلة ومباحة أو لا ترتقي إلى مستوى الجرم السياسي في هذا الصدد. من ناحية ثانية نحن نتحدث عن العملية الانتخابية وهي كيفية تأمين صوت الشعب واختياره بشكل دقيق وواضح. وذلك يحتاج إلى إعادة النظر في مسألة قانون الأحزاب والجمعيات وإحداث قانون يُمكّن الأحزاب من التمويل العمومي حتى لا تكون عرضة للمال الفاسد. وبالتالي قضية المنظومة الانتخابية مسألة مهمة جدا ولا بد من إعادة النظر فيها وتأمينها من خلال قوانين تؤمّن المسار الحقيقي للوصول إلى ممثلين عن الشعب ويكونوا بالفعل تكريسا وتعبيرا صادقا عن اختيار الشعب.
○ فيما يتعلق بالمبادرة التي وضعها الاتحاد لإخراج تونس من أزمتها، ما هي أهم العقبات التي حالت دون البدء بتنفيذ خريطة الطريق؟
•الاتحاد قدّم جملة من المقترحات والتصورات في علاقة بهذه المرحلة الاستثنائية. ونحن بصدد تدارسها من قبل الخبراء والكفاءات المحسوبة على الاتحاد لوضع تصوراتنا المتعلقة بالتنقيحات التي ستكون موضوع تعديل في الدستور مثل نظام الحكم وما إلى غير ذلك. تشكّلت في هذا الصدد لجنة من الكفاءات تضمّ الأساتذة الجامعيين وعمداء الكليات من المختصين في القانون العام والحقوق والاقتصاد وغيره، ولجنة ثانية في علاقة بالنظام الانتخابي، وهي بصدد صياغة الأوارق النهائية لما توصلوا له في علاقة بقراءة الاتحاد لطبيعة هذه التنقيحات ومضامينها في إطار رؤيته الإصلاحية آخذين بعين الاعتبار التجربة السابقة الفاشلة ومستأنسين أيضا بتجارب مقارنة أخرى والتي نعتقد انها قريبة من الخصوصية التونسية وواقع التونسيين، ونأمل ان يقع الإعلان عليها قريبا. ولكن الإشكال الأكبر هو انه في هذه المرحلة الاستثنائية يجب ان تقع عملية الإصلاح بالتشارك بين الرئيس والقوى الحيّة المعنية بالإصلاح وذلك وفقا للتدابير الاستثنائية وللأمر الرئاسي عدد 117. فعلى رئيس الجمهورية ان يُسرع في هذه العملية الإصلاحية ذات البعد التشاركي وذات المضمون الإصلاحي الحقيقي، حتى يقع تجاوز هذه المرحلة الاستثنائية في أقصر الآجال الممكنة وحتى يَطمئّن شعبنا في الداخل وأصدقاء بلادنا من شركائنا الاقتصاديين وغيرهم على مستقبل تونس ويتأكدوا أنها ماضية في اتجاه الإصلاح وبناء الديمقراطية السليمة ودولة القانون والمؤسسات، وبناء ما تعطل وما أفسدته تلك الصراعات لنختصر الآثار السلبية الحاصلة نتيجة تلك العشرية، وهي مسؤولية ملقاة على رئيس الدولة. وبالتالي فإن الركود والجمود ليس مقبولا في تونس لأن الزمن له قيمته وأبعاده وله تداعياته. وإذا لم نأخذ الوقت بعين الاعتبار فيمكن ان تعود عقارب الساعة إلى الوراء ونتائجها ستكون وخيمة على البلاد .
○ بصراحة كيف تعامل رئيس الجمهورية مع مبادرة الاتحاد وكيف تلقاها وهل لمستم قبولا بها؟
•رئيس الدولة جمعتنا به لقاءات كثيرة، حيث التقى الأخ الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي طيلة السنتين الماضيتين لقاءات متكررة، بل كان الأخ الطبوبي أكثر شخصية وطنية في تونس ترددا ولقاء مع رئيس الجمهورية وهذا يعلمه الجميع، ولكن بعد 25 تموز/يوليو حصلت حالة من التقوقع والانقطاع ما بين رئيس الجمهورية ومختلف مكونات المجتمع السياسي والمدني والاجتماعي. وهذه النقطة السلبية الرئيسية التي يسجلها الجميع على رئيس الجمهورية رغم قناعة الجميع بأنه يمتلك نظافة اليد والصدق والوطنية غير المشكوك فيها. ولكن هذا الأداء لا يمكن ان يقدم وان يسهّل ويسرّع بالخروج من هذا الوضع الاستثنائي.
○ يعتبر البعض ان هذا الوضع الاستثنائي وضع تونس في نوع من العزلة الدولية خاصة مع شركائها وذلك في خضم ضغوطات عديدة خارجية تتعرض لها البلاد فما رأيكم؟
•طبعا الوضع الاستثنائي تضاف إليه حالة الغموض السائدة، كل ذلك سيجعل الجميع في حالة ارتباك وانتظار خاصة فيما يتعلق بحالة الغموض في التوجه العام والرؤية التي سيقع الاتفاق عليها لبناء تونس الأخرى الأفضل، وهو المطلب الشعبي ومطلب كل القوى الحيّة. فهذه الرؤية ليست واضحة ولا يمكن ان نطلب لا من المواطنين ولا من أصدقاء تونس ان يكون لهم موقف واضح طالما ان الغموض هو سيد الموقف. وبالتالي فإن الشروع في الحوار وفي اتخاذ الإجراءات الإصلاحية بشكل تشاركي وفقا لأجندة وطنية بعيدة كل البعد عن المصالح غير الوطنية – سواء التي يعبّر عنها كيانات بالداخل أو جهات بالخارج -هو مسألة محسومة ومصلحة وطنية والتأخر بها هو إضرار بهذه المصلحة.
○ وكيف تنظرون لعودة المفاوضات بين حكومة بودن وصندوق النقد الدولي؟
•صندوق النقد الدولي قبل 25 تموز/يوليو كان قد طرح جملة من المقترحات على حكومة المشيشي وهي قائمة على ضرورة ان تقدم الحكومة تصورا إصلاحيا اقتصاديا وماليا واضحا وأن يكون أيضا موضع توافق وطني من قبل المعارضة في مجلس النواب وبموافقة المنظمات الوطنية وفي مقدمتها اتحاد الشغل ورئيس الدولة، لان صانعي القرار في الصندوق كانوا يدركون ان الأوضاع في تونس أصبحت منفلتة، والحكومة يمكن ان تقدم تصورات ولكن لا أثر لها لا في مجلس النواب ولا في الاتحاد العام التونسي للشغل ولا تجد مساندة لها من قبل رئيس الدولة. وهذا ما يؤدي إلى إهدار فرص وأموال من أجل لا شيء.
وبالتالي نحن نعتقد أن السيادة الوطنية مسألة جوهرية ونعتبر ان من حق تونس ان تتفاوض وان تقيم الاتفاقات مع الأشقاء والأصدقاء والجهات المانحة على غرار صندوق النقد الدولي على قاعدة هذه المصلحة الوطنية. ونحن نرفض رفضا مطلقا ان تكون هذه الاتفاقات على حساب مصلحة تونس وسيادتها وسلطان قرارها السيادي وهي مسألة مبدئية.
المسألة الأخرى الإجرائية هي ان تكون هذه الاتفاقات ذاهبة في اتجاه المجالات المحددة وان تكون هناك رقابة على هذه الأموال والقروض بشكل يؤمّن تحقيق أهدافها بعيدا عن الشكوك. ونحن في الاتحاد لا نذيع سرا بأننا قدمنا منذ سنة 2014 مطلبا لحكومة مهدي جمعة وحكومة الصيد بضرورة التدقيق في الأموال المتأتية من القروض، لأن الحوكمة والشفافية مسألة رئيسية لا يمكن التغافل عنها.

- الإعلانات -

#الأمين #العام #المساعد #للاتحاد #العام #التونسي #للشغل #سمير #الشفي #نجدد #دعوتنا #للرئيس #للإسراع #في #العملية #الإصلاحية #ذات #البعد #التشاركي #وتجاوز #المرحلة #الاستثنائية #القدس #العربي

تابعوا Tunisactus على Google News

- الإعلانات -

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد