- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

أكاديميات كرة القدم تفتح طريق المواهب نحو النجومية | مراد البرهومي



تونس – في الوقت الذي انحسر فيه دور أندية كرة القدم في تكوين الناشئة وفشلها في اكتشاف اللاعبين الصغار قصد مساعدتهم على التألق مستقبلا، تصاعدت أسهم مراكز التكوين أو ما يعرف حاليا بأكاديميات كرة القدم في تونس، وباتت تستأثر حاليا باستقطاب أكبر عدد ممكن من اللاعبين صغار السن، وتسعى إلى تكوينهم في فضاءات رياضية ملائمة ومختصة ما جعلها حاليا أشبه بمراكز لتفريخ المواهب ومساعدتهم على تطوير مهاراتهم وصقلها.
وما يدفع إلى الحديث عن الأكاديميات الخاصة لكرة القدم هو تضاعف عددها بشكل غير مسبوق، إذ تشير بعض المعطيات غير الرسمية إلى أن تونس تضم حاليا ما يقارب عن ثلاثة آلاف مركز مختص في تكوين الناشئين والبراعم وتلقينهم أصول اللعبة في سن مبكرة، ومن ثمة مساعدة الأفضل منهم على تطوير مواهبهم قصد الانفتاح مستقبلا على تجارب جديدة صلب الأندية.
ممهدات للنجاح
منذ عقود طويلة لم يكن هناك في تونس اهتمام كبير بتكوين اللاعبين في سن مبكرة في ظل غياب مراكز التكوين المتطورة، وانعدام المتابعة للاعبين الموهوبين في سنواتهم الأولى، حيث كان الأمر مقتصرا أساسا على ما يعرف بـ“اكتشاف الصدفة”. ومنذ سنوات عديدة كانت تنظم دورات بين “الأحياء” وتقام في فضاءات غير مهيأة، ففي كل حي أو تجمّع سكني كان هناك ما يعرف في تونس بـ“البطاحي” التي شهدت بروز عدد كبير من اللاعبين تمكّنوا بعد ذلك من الالتحاق بالأندية المدنية، ومنهم من تمكّن من الانتماء إلى المنتخبات الوطنية في تونس.
وفي تلك المرحلة السابقة من الزمن، لعبت “البطحاء” والدورات بين الأحياء دورا كبيرا للغاية في اكتشاف المواهب، حيث يحرص مدربو الأندية على متابعة مباريات هذه الأحياء من أجل اكتشاف اللاعبين صغار السن الذين يملكون الموهبة والقدرة على التطور صلب الأندية. بيد أن هذا “النظام” لاكتشاف المواهب بدأ يضمحل شيئا فشيئا بحكم تضاؤل الفضاءات غير المهيأة في الأحياء.
وقبل أن تلعب الأندية دور “الحاضن” للاعبين صغار السن، بما أن قوانين كرة القدم في تونس تطورت على امتداد السنوات الماضية وباتت تعطي أهمية متزايدة لتكوين اللاعبين في سن مبكرة، حيث اشترطت على الأندية الكبرى على وجه الخصوص استحداث مراكز تكوين من أجل استقطاب أكبر عدد ممكن من اللاعبين الصغار ومساعدتهم على تطوير قدراتهم.
الهدف الأساسي لتنظيم هذه البطولة هو اكتشاف المواهب واختيار الأفضل قصد تشكيل منتخب عربي قوي قادر على المنافسة ضمن دورات عالمية كبرى

غير أن كل هذه الخطوات لم تجد نفعا كبيرا، لعدة أسباب أهمها تواضع المنشآت الرياضية لدى أغلب الأندية وعدم قدرتها على مجابهة المصاريف المخصصة لتكوين الناشئة، فضلا عن اهتمامها المتزايد بالنتائج عوضا عن التكوين القاعدي.
وكانت أغلب تجارب مراكز التكوين صلب الأندية فاشلة، إذ لم تقدر على اكتشاف لاعبين قادرين بحق على التألق والبروز عندما يتقدّم بهم العمر، ليكون التألق حكرا على بعض اللاعبين الموهوبين الذين تمكّنوا “صدفة” من تطوير مستواهم وأدائهم.
وفي هذا السياق يقول لسعد الشابي مدرب الاتحاد المنستيري والذي عمل لسنوات طويلة في النمسا في مجال تكوين الشبان، إن غياب التكوين الأكاديمي والقاعدي وفق أسس علمية صحيحة همّش دور مراكز التكوين صلب الأندية، وجعلها بلا جدوى. وفسّر ذلك بقوله في حديثه لـ“العرب”، “هناك عدة أسباب جعلت التكوين القاعدي في تونس محدود النتائج، ففي ظل تهافت الأندية على النتائج الآنية وغياب المتابعة العلمية الصحيحة من الصعب اكتشاف عدد كبير من اللاعبين الموهوبين لديهم القدرة على بلوغ درجات متقدمة من التألق والبروز”.
خصخصة ومتابعة أفضل
في خضم المشاكل المزمنة التي تعاني منها كرة القدم التونسية على مستوى التكوين، بدأت فكرة إنشاء أكاديميات مختصة في تكوين اللاعبين الصغار تتجسد على أرض الواقع مع نهاية الألفية الثانية، ورغم أنها بدأت على استحياء إلا أن عددها ظل يتضاعف بشكل مستمر خلال السنوات الأخيرة.
وما ساهم في انتشار هذه الأكاديميات بعدد كبير للغاية في مختلف المحافظات التونسية هو غياب إطار قانوني ينظم عمل هذه المراكز ويحدد أهدافها، والأهم من ذلك غياب القوانين التي تؤطر عملها وترسم أهدافها على المدى المتوسط والبعيد.
بل إن الأمر يقتصر على الالتزام ببعض البنود وفق ما يقتضيه كراس الشروط، وهو ما دفع بعدد كبير للغاية من المدربين واللاعبين القدامى وكذلك بعض رؤوس الأموال إلى الاستثمار في مجال التكوين القاعدي وتشييد مراكز حديثة تستجيب للشروط الضرورية واللازمة لممارسة كرة القدم.
هذه الأكاديميات التي نجحت في استقطاب عدد كبير للغاية من اللاعبين الصغار الراغبين في تطوير مهاراتهم نجحت أيضا في تعويض غياب الفضاءات الرياضية في الأحياء، وتمكّنت من أن تقوم بدور أكبر وأكثر أهمية من دور الأندية المدنية في مجال التكوين القاعدي.
والأكثر من ذلك أن معلوم الالتحاق بهذه الأكاديميات والتدرب فيها بإشراف مدربين مختصين لا يعتبر مشطا، الأمر الذي شجع عددا كبيرا من الأولياء إلى الدفع بأبنائهم إلى الانضمام صلب هذه المراكز التي باتت محل إقبال متزايد بسبب وجود متابعة دائمة، لتتفوق بذلك على مراكز التكوين التابعة للأندية التي تتسم في بعض الحالات بهيمنة ظاهرة المحاباة وغياب الموضوعية عند انتقاء المواهب.
دور أكبر
مجموعة واعدة للمستقبل
نجحت بعض الأكاديميات خلال السنوات الأخيرة في شد انتباه الأندية، حيث زاد اهتمام عدد من الفرق التونسية بالمواهب المتكونة صلب هذه الأكاديميات، ما جعلها تحرص على التعاقد مع عدد من اللاعبين الصغار القادرين على تطوير مهاراتهم صلب الأندية.
وفي هذا السياق أشار كريم العرفاوي المدرب صلب أكاديمية “غيداس” الخاصة إلى أن هذه الأكاديمية نجحت خلال السنوات الماضية في تكوين عدد كبير للغاية من اللاعبين الموهوبين وساعدتهم على الاندماج صلب الأندية. وأوضح في حديثه أن تعامل أكاديمية “غيداس” على سبيل المثال مع الفرق المدنية بات أكبر.
وقال العرفاوي في تصريح لـ“العرب”، “عملنا يتناغم مع الأساليب الحديثة في مجال التدريب وضمن أطر علمية ثابتة ومتطورة، حتما سننجح في اكتشاف عدد كبير من المواهب، وخلال مشاركتها في بعض الدورات تمكنت من إبراز طاقاتها ومهاراتها، وهو الأمر الذي دفع ببعض الأندية الكبرى على غرار النادي الأفريقي إلى ضم عدد من اللاعبين الصغار المتكونين في هذه الأكاديمية”.
وتشير بعض الإحصائيات إلى أن أغلب الأندية التونسية على اختلاف درجاتها وميزانياتها باتت تُولي اهتماما متزايدا لدور هذه الأكاديميات، وتحرص على إيفاد ممثليها لمتابعة الدورات بين الأكاديميات من أجل اكتشاف اللاعبين الموهوبين ومن ثمة التعاقد معهم لفترة طويلة.
ويضيف كريم العرفاوي أن أغلب الأكاديميات الموجودة في تونس نجحت بدرجات متفاوتة في لعب دور حيوي في عملية اكتشاف المواهب، قائلا إن “نتائج عمل هذه الأكاديميات التي يمكنها وصفها بمراكز التكوين القاعدي ستكون أكبر خلال السنوات القليلة القادمة”.
رغم أن الالتحاق بهذه الأكاديميات يكون أساسا بمقابل يدفعه اللاعب شهريا أو سنويا، ما يعني أن هناك طابعا تجاريا يميز عمل هذه الأكاديميات، إلا أن كريم العرفاوي يشدد على أن أهمية الجانب الرياضي تطغى على بقية الجوانب.
ويشير في هذا الصدد إلى أن تغطية المصاريف وتحمل رواتب المدربين والعناية الدائمة بالأكاديمية تستوجب وجود دخل قار يفي بالحاجة في ظل عدم وجود موارد أخرى لتمويل هذه الأكاديميات.
وأضاف بالقول لـ“العرب”، “يبقى الدور الأول والأهم في ما يتعلق بنشاط أكاديميات كرة القدم هو مساعدة اللاعبين صغار السن على ممارسة هذه اللعبة في فضاءات مهيأة وتستجيب إلى المواصفات المطلوبة، وبإشراف مدربين لديهم الخبرة في التعامل مع اللاعبين الصغار، لذلك يمكن التأكيد على أن الجانب الرياضي يظل أهم بكثير من تحقيق أرباح طائلة في هذه الأكاديميات”.
الأكاديميات الخاصة تضاعف عددها في تونس التي تضم حاليا ما يقارب ثلاثة آلاف مركز مختص بتكوين الناشئين والبراعم وتلقينهم أصول اللعبة

- الإعلانات -

لا يقتصر وجود أكاديميات كرة القدم على تونس فقط، بل أصبحت هذه المراكز المختصة أكثر انتشارا في شتى أصقاع العالم وخاصة في البلدان العربية.
وقد شجع نجاح عدة مدارس عالمية رائدة في هذا المجال على غرار مدرسة “لاميسيا” في برشلونة ومدرسة أمستردام على استحداث عدد كبير من اللاعبين للغاية من مراكز التكوين في أغلب الدول العربية، ومن ثمة إيفادهم إلى مراكز أكثر تطورا في أوروبا.
ويشير الصحافي التونسي خليل بلحاج علي في حديثه لـ“العرب” إلى أن تطور أساليب التدريب في العالم خاصة في ما يتعلق بتكوين الناشئة، يستوجب حتما مواكبة هذا التطور والاستجابة لشروطه العلمية.
وأضاف قائلا “بالنظر إلى التهافت المتزايد على اللاعبين الصغار الموهوبين من قبل أقوى الأندية العالمية من الضروري الالتفات اليوم والاهتمام بأكبر قدر ممكن بتكوين اللاعبين الشبان، واللاعب العربي موهوب بطبعه، لكن متى توفرت كل الظروف والشروط اللازمة مثل التكوين الأكاديمي الصحيح سيكون بمقدوره مستقبلا اللعب في أعرق الفرق العالمية”.
وفي ظل تنامي عدد الأكاديميات المختصة في هذا المجال، تم استحداث الاتحاد العربي لأكاديميات كرة القدم ومقرّه الأردن. ويهدف هذا الاتحاد إلى تنظيم البطولات والدورات في مختلف البلدان العربية.
وفي هذا السياق حدد يوسف الخاطر رئيس الاتحاد العربي لأكاديميات كرة القدم أهداف هذا الهيكل قائلا في تصريحه لـ“العرب”، “هدفنا الأساسي هو حماية الأطفال والشباب من آفات العصر، وتوجيههم لممارسة كرة القدم من أجل تأطيرهم بشكل مثالي ومساعدتهم على تنمية قدراتهم ومهاراتهم”.
وأوضح رئيس الاتحاد العربي لأكاديميات كرة القدم أن هناك إرادة قوية من أجل تنظيم أكبر عدد ممكن من الدورات والبطولات العربية، مشددا على أن الدور الرئيسي لكرة القدم والرياضة عامة هو التقريب بين شباب الوطن العربي، وتأطير الموهوبين ومساعدتهم على التألق والسير في طريق صحيح نحو التألق والبروز إقليميّا ودوليّا.
وفي هذا السياق وببادرة من أكاديمية “غيداس” الخاصة ودعم من جمعية المغرب العربي للإنتاج والتوزيع وكذلك برعاية الاتحاد العربي لأكاديميات كرة القدم ستشهد تونس وتحديدا مدينة عين دراهم الواقعة في أقصى شمال البلاد تنظيم بطولة عربية رائدة في مجال تكوين الناشئين والبراعم.
ومن المتوقع أن تشهد هذه البطولة المقرر إقامتها بداية من 20 مارس القادم مشاركة حوالي 850 لاعبا من الفئات العمرية الصغيرة (بين 10 و13 سنة)، ويمثلون 48 فريقا من تونس وليبيا والجزائر والمغرب والسودان ومصر وفلسطين والأردن واليمن.
وسيكون الهدف الأساسي من تنظيم هذه البطولة الرائدة اكتشاف المواهب وانتقاء الأفضل منهم قصد تشكيل منتخب عربي قوي قادر على المنافسة ضمن دورات عالمية كبرى.
وفي هذا السياق يقول عبدالستار مرازقية رئيس جمعية المغرب العربي للإنتاج والتوزيع الداعمة لهذه البطولة في حديثه لـ“العرب”، إن الغاية الأساسية من وراء هذه الفكرة هي مساعدة الشباب العرب على الالتقاء والتعارف بشكل أساسي وكذلك المساهمة في اكتشاف العناصر الأفضل قصد تأطيرها مستقبلا وفتح أبواب التألق أمامها.
وأضاف مرازقية قائلا “نهدف من خلال هذه البطولة إلى زرع ثقافة الرياضة والتآخي والتنافس النزيه بالأساس. غايتنا ليست ربحية بل تحرص جميع الأطراف المساهمة في إنجاح هذا التجمع الرياضي العربي على توفير مناخ سليم يساعد اللاعبين صغار السن على تفجير طاقاتهم وإبراز مؤهلاتهم، ومن خلال تجميع عدد كبير للغاية من اللاعبين الموهوبين يمكن انتقاء العناصر الأفضل ومن ثمة فتح باب التألق العالمي أمامها في المستقبل”.
ولا تقتصر أهمية هذا الملتقى العربي على تنمية روح المنافسة وتطوير المهارات لدى اللاعبين صغار السن فقط، بل ستكون البطولة فرصة لتنظيم دورة تكوينية لفائدة مدربي اللاعبين الصغار بإشراف مختصين ودكاترة معتمدين لدى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم وكذلك اتحادي الكرة في تونس وليبيا.



المصدر


الصورة من المصدر : alarab.co.uk


مصدر المقال : alarab.co.uk


- الإعلانات -

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد