تونس تنفي وجود قوات من “فاغنر” على أراضيها
نفت السفارة التونسية في فرنسا ما بثته قناة “أل سي إي” الإخبارية الفرنسية، الخميس، عن وجود عناصر من مجموعة “فاغنر” الروسية بجزيرة جربة جنوب تونس.
وأوضحت السفارة في بيان لها “أن القناة الفرنسية تواصل عملها في التضليل الإعلامي من خلال ترويج معلومات لا أساس لها من الصحة عن تونس من دون التحقق من هذه المعلومات مسبقاً من المصادر الرسمية”، مضيفة “التضليل الإعلامي رياضة يبرع فيها البعض”.
وأكدت أن “القناة لا تحترم أخلاقيات المهنة التي تحكم العمل الإعلامي بشكل عام، وأن تونس بلد ذو سيادة وسيتمكن بمفرده من السيطرة على كامل أراضيه وحمايتها”، حسب بيان السفارة.
وكانت صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية، وهي أول من أثار الوجود الروسي في تونس، قالت الأحد الـ19 من مايو (أيار) الجاري عن رحلات جوية عسكرية روسية تحط رحالها في جزيرة جربة بالجنوب التونسي.
واعتبرت الصحيفة أن تلك الرحلات “تثير القلق كما لا تزال الطبيعة الدقيقة لهذه الأنشطة الجوية، سواء كانت لوجيستية أو غير ذلك، غير واضحة، لكن المخاوف التي تثيرها حقيقية”.
نفي روسي
ونقلت صحيفة “لا ريبوبليكا” من نيويورك عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية قوله “لا نزال نشعر بالقلق إزاء أنشطة مجموعة (فاغنر) وتلك التي تدعمها روسيا في القارة الأفريقية، والتي تؤجج الصراعات وتشجع الهجرة غير النظامية بما في ذلك إلى تونس”.
واعتبرت الصحيفة أن “موسكو تعمل بالفعل على توسيع سيطرتها في ليبيا، كما أنها أقامت تحالفاً مع الجزائر، وحلت محل الوجود العسكري الأميركي في النيجر وتشاد، في حين تنسحب فرنسا من مالي وبوركينا فاسو”.
وأضافت أن وجود مؤسسة روسية في تونس من شأنه أن يكمل اختراق موسكو في جميع أنحاء المنطقة.
بدورها، كذبت سفارة روسيا في ليبيا ما نشرته صحيفة “لا ريبوبليكا” حول وجود طائرات عسكرية روسية بجزيرة جربة.
واعتبرت السفارة وفق ما نشرت على منصة “إكس” أن الخبر “زائف”، وأن فيه “عدم احترام كامل للقارئ سواء كان في إيطاليا أو خارجها”.
الانفتاح على روسيا
لكن على رغم التكذيب الرسمي من تونس يبقى التقارب الروسي التونسي أمراً حقيقياً. فهل قررت تونس تغيير مواقفها من خلال هذا الانفتاح أم أنها تمارس ضغوطاً على الغرب من خلال الإشارة إلى استعدادها للانضمام إلى تحالف الجنوب الجديد الذي تسعى روسيا والصين إلى تشكيله من أجل مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية؟
في هذا الصدد يقول الصحافي المهتم بالشأن العالمي نزار مقني في تصريح خاص إن “الوجود الأميركي في حد ذاته يأتي في إطار الحفاظ على مكان لها ضمن فضاء شمال أفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء”.
مفسراً “بالنسبة إلى الأميركيين الذين لم يجدوا تفاهماً مع السلطات العسكرية في النيجر لا بد لهم أن يجدوا موطئ قدم قريب من المنطقة، ويبدو أنهم وجدوه في ليبيا وذلك في الجانب الغربي”، مواصلاً “وهي تسعى بذلك إلى أن تكون مناوئة لانتشار قوات (فاغنر) مع الجانب الشرقي”.
فتور علاقة تونس بالغرب
من جانب آخر، يرى مقني أن “روسيا تحاول من جهتها أن تملأ الفراغ الأميركي والغربي عموماً في المنطقة وتحسين علاقتها مع تونس التي لها خلافات كبيرة مع أوروبا والولايات المتحدة بسبب ما تعتبره تدخلاً في شأنها”.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما يعتقد أن “تونس تسعى إلى إعادة صياغة سياستها الخارجية وتنوعها، وهذا ما تجلى بخاصة في استفادتها من دبلوماسية القمح التي عملت عليها موسكو منذ قمة روسيا – أفريقيا في سانت بطرسبورغ”.
وتابع في السياق نفسه “تونس اليوم تبحث عن علاقات ندية مع الخارج وليست علاقات تبعية مثلما تريدها أوروبا والولايات المتحدة”. ومن ثم “هذا الفتور في العلاقات بين تونس والغرب ستحاول روسيا أن تملأه، وهي اللعبة نفسها التي تمارسها في كل المناطق سواء في أفريقيا أو حتى في الشرق الأوسط والأمر نفسه بالنسبة إلى الصين”.
أما أستاذ العلوم الجيوسياسية والعلاقات الدولية رافع الطبيب فيرى أن الحرب على أعتاب ليبيا ويقول في “ما يحصل في ليبيا الآن هو حرب بالوكالة لعديد الأطراف، منها دول وشركات عالمية كبرى وذلك من أجل وضع اليد على ثروات ليبيا وتعويض الخسارة الاستراتيجية الكبرى لأميركا ودول الغرب”. وأضاف “في المقابل روسيا لا ترضى تعويض أوروبا وأميركا خسارتهما في أوكرانيا بفتح جبهة جديدة لاستغلال النفط والغاز الليبي والوصول نوعاً ما إلى الاستقلال بمجال الطاقة عن روسيا، ومن هنا فإن الوجود الروسي في المنطقة مبرر”.
أما بالنسبة إلى تونس، بحسب الطبيب، “يراد لها أن تلعب دوراً في المنطقة لكنها ترفض ذلك لأنه دور مفجر وهو أن تتحول إلى وطن بديل للمهاجرين الأفارقة”.
كما يرى في ذات الصدد أن “طبول الحرب تدق في ليبيا والكوماندوس الأميركي حذر المجموعات المسلحة في الغرب الليبي ضد المجموعة المسلحة الموجودة في الشرق التي تدعمها روسيا لذا فالحرب مؤكدة”. معتقداً أن “من أهم نتائج هذه الحرب تقسيم ليبيا لأن لا يمكن للطرفين الانتصار لأسباب عدة أهمها قبلية وتقنية”.
حرب باردة
من جانه يرى الصحافي المتخصص في الشأن الليبي سمير الجراي أن “الصراع الروسي – الأميركي في تزايد بوتيرة عالية بخاصة أن المخاوف الأميركية من اتساع نفوذ روسيا في ليبيا والمنطقة لديها ما يبررها، مع سعي الأخيرة إلى تشكيل فيلق أفريقي عسكري وتعزيز قواتها العسكرية في شرق ليبيا وجنوبها، وقد أرسلت روسيا في الأسابيع الأخيرة 1800 جندي إلى ليبيا التي يوجد فيها بالفعل نحو 2000 مقاتل بين مرتزقة وجنود نظاميين روس أرسل بعضهم إلى النيجر، كل ذلك عزز مخاوف واشنطن التي تريد أن تعود بقوة ليبيا حتى لا تترك الساحة خالية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بخاصة أن غيابها عن الساحة الليبية كان جلياً في عهد الرئيس ترمب”.
ويواصل في تصريح خاص “هذا الصراع تحول بالفعل إلى شبه حرب باردة، إذ تسعى الولايات المتحدة إلى التنسيق مع قوات وتشكيلات مسلحة من المنطقة الغربية لإنشاء قوة عسكرية ضخمة لمحاربة الروس في المنطقة التي يسيطرون عليها في ليبيا، وقد وصلت حدود سيطرتهم إلى المنطقة الوسطى وسرت، لكن هذه المحاولات الأميركية ما زالت لم تلق تجاوباً كبيراً مع قوات وتشكيلات المنطقة الغربية الذين لا يرغبون في العمل حسب الخطة الأميركية وقتال روسيا وكالة عن واشنطن، وإهدار مواردهم العسكرية وأفراد قواتهم في حرب لا تبدو انعكاسات نتائجها واضحة”.
في المقابل يرى الجراي أن “الولايات المتحدة تواصل التنسيق العسكري مع القوات التركية الموجودة في قاعدة الوطية الجوية القريبة من الجارة تونس، وترسل فنييها وخبرائها لدراسة كيفية إبقاء السيطرة على المنطقة الغربية لصالح الأتراك والأميركيين ووضع الخطط اللازمة لأي احتمالات عسكرية في الجنوب والشرق الليبي”.
ويعتقد أن “كل هذا ينعكس على تونس بحكم قرب هذه القاعدة من حدودها والتي قد تتحول إلى قاعدة عسكرية قوية لأميركا إذا نشب صراع مسلح في ليبيا بين أميركا وروسيا. وتونس تتابع الأمر بالفعل بقلق شديد وكذلك الجزائر، وتدعوان إلى إنهاء التدخل الخارجي في ليبيا بمختلف أشكاله، وتعتبرانه أحد الأسباب الرئيسة في تواصل الأزمات الليبية، لذلك تكون المواقف التونسية والجزائرية دائماً تصب في صالح المصلحة الليبية العليا وهي الحفاظ على سيادة أراضيها ورفض أي تدخلات وبخاصة العسكرية”، بحسب رأيه.
#تونس #تنفي #وجود #قوات #من #فاغنر #على #أراضيها
تابعوا Tunisactus على Google News