- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

- الإعلانات -

صندوق النقد الدولي المستعمر المتجدّد… دول شمال افريقيا نموذجا !!

أكثر من ثلثي الدول تستجدي عطفه

ريم بالخذيري

في ظل الأزمات المتلاحقة التي يعيشها العالم وتأثيرها المتفاوت على الدول يبقى صندوق النقد الدولي و البنك الدولي الوجهة التي لامفرّ لعدد كبير من الدول .وهو ما يصعّب تدخّلات هاتين المؤسستين و يجعلهما يفرضان شروطا صعبة تصل حد التعسّف على بعض الدول تصل حد التدخل الكامل في شؤون الدولة ما جعل عدد من الخبراء يطلقون صفة المستعمر المتجدّد عليهما.

و يتجلّى هذا النفس الاستعماري للبنك الدولي و صندوق النقد الدولي في دول شمال افريقيا خاصة في المغرب وموريتانيا و مصر وتونس وهو ما سنبينه بالأدلة و البراهين الممكنة.

لكن قبل ذلك لابد من التعريف الموجز بهاتين المؤسستين و القوانين التي تحكمهما لنفهم طبيعة تدخلاتهما في الدول التي تحتاجهما.

مؤسستان دوليتان لكن…

صندوق النقد الدولي والبنك الدولي مؤسستان شقيقتان ضمن منظومة الأمم المتحدة تشتركان في هدف واحد، هو رفع مستويات المعيشة في بلدانهما الأعضاء. وتتبع المؤسستان منهجين متكاملين لتحقيق هذا الهدف، حيث يركز الصندوق على قضايا الاقتصاد الكلي بينما يركز البنك على التنمية الاقتصادية طويلة الأجل والحد من الفقر.

تبلورت فكرة إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في مؤتمر دولي عقد في بريتون وودز بولاية نيوهامبشير الأمريكية في شهر جويلية 1944. وكان هدف المشاركين في المؤتمر هو وضع إطار للتعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي يرسي اقتصادا عالميا أكثر استقرارا وازدهارا. ولا يزال هذا الهدف محوريا بالنسبة للمؤسستين، لكن العمل الذي تقومان به يشهد تطورا مستمرا لمواكبة المستجدات والتحديات الاقتصاديةوأصبح يمثل كابوسا لعدد من الدول .

و يعمل الصندوق على تشجيع التعاون النقدي الدولي، ويقدم المشورة بشأن السياسة الاقتصادية والدعم في مجال تنمية القدرات لمعاونة البلدان الأعضاء على بناء اقتصادات قوية والحفاظ عليها. كذلك يقدم الصندوق قروضا للبلدان الأعضاء ويساعدها على وضع برامج لسياساتها الاقتصادية بغية حل مشاكل ميزان الدفوعات حين يتعذر عليها الحصول على التمويل الكافي بشروط معقولة لتغطية نفقاتها الصافية. ويقدم الصندوق قروضا قصيرة الأجل ومتوسطة الأجل تموَّل في الأساس من مجموع المساهمات التي تدفعها البلدان الأعضاء في شكل اشتراكات للعضوية. ومعظم موظفي الصندوق من الاقتصاديين الذين يتمتعون بخبرة واسعة في السياسات المالية والاقتصادية الكلية.

أما مهمة البنك الدولي فهو يعمل على تشجيع التنمية الاقتصادية طويلة الأجل والحد من الفقر من خلال توفير الدعم الفني والمالي لمساعدة البلدان الأعضاء على إصلاح قطاعات معينة أو تنفيذ مشروعات محددة – مثل بناء المدارس والمراكز الصحية وتوفير المياه والكهرباء ومكافحة الأمراض وحماية البيئة. والمساعدات التي يقدمها البنك الدولي هي مساعدات طويلة الأجل بصفة عامة، وتمَّول من مساهمات البلدان الأعضاء ومن خلال إصدار السندات. وأغلب موظفي البنك الدولي من المتخصصين في قضايا أو قطاعات أو تقنيات معينة.

دول شمال افريقيا وكماشة الصندوق

منذ الخمسينات تعتمد دول شمال افريقيا عدا الجزائر و ليبيا على صندوق النقد الدّولي اعتمادا شبه كلّي في تعبئة مواردها المالية وقد بلغ التمويل لسنة 2021 أكثر من 157 مليار دولار في السنة المالية 2021،كان لهاته الدول نصيب الأسد منها.

ويتواصل اعتماد نفس المنهج وبأكثر حدة في  السنة الحالية و السنوات المقبلة  حيث توقع الصندوق تراجع نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا إلى 5% في عام 2022

وقد ارتفع حجم الدين العام  في هذه المنطقة من 46 %من إجمالي الناتج المحلي عام 2019 إلى 54 % نهاية عام 2021 .وهي النسبة الأعلى على الاطلاق.

 

ورفع الصندوق توقعاته لنمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لعام 2021 إلى 5.6% وشمال إفريقيا فيما ارتفعت معدلات التضخم في عام 2021 إلى 14.8%.

و شكلت جائحة الكوفيد و الحرب على أوكرانيا آخر المسامير التي دقّت في نعش هاته الدول و أدخلتها الى بيت الطاعة و فقدان السيادة الوطنية التي حلّت محلّها املاءات البنك المركزي و تتبع دقيق الى الاصلاحات التي يطالب بها بحجة اصلاح هاته الاقتصاديات و الواقع أنها لضمان استرداد القروض الممنوحة .

ففيما يتعلق بالتطعيم ضد فيروس كوفيد-19، ذكر أحدث تقرير الصادر عن البنك الدولي  أن  كل دول شمال إفريقيا فشلت في تحقيق معدل التطعيم المستهدف 40% بنهاية عام 2021.وهو المؤشر الذي يخذه الصندوق بعين الاعتبار في رؤيته لواقع الاقتصاد و نسب النموّ .

أما الحرب في أوكرانيا فقد كانت لها آثارًا ملموسة على دول  المنطقة بسبب روابطها التجارية والمالية الوثيقة مع روسيا والاعتماد على التحويلات والسياحة وتداعيات أسعار الصرف، فضلا عن معاناتها من الارتفاع الكبيرلأسعار النفط و السلع الأولية ما تسبب في زيادة معدلات التضخم وتدهور أوضاع الحسابات الخارجية والمالية.

وتوقع الصندوق أن يتسبب ارتفاع أسعار القمح بمفرده في زيادة احتياجات التمويل الخارجي في دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بما يصل إلى 10 مليارات دولار أمريكي في عام 2022؛ حيث من المتوقع أن يُشكل عجز الإمدادات القادمة من روسيا وأوكرانيا تهديدا للأمن الغذائي، وخاصة في الدول منخفضة الدخل مثل دول شمال افريقيا التي ذكرنا.

ورجح التقرير أن تتحوّل الحرب في أوكرانيا  الى عامل أساسي لتشكيل آفاق الاقتصاد الإقليمي ما ينبأ بأن هاته الدول وهي الحلقة الأضعف لن يكون بمقدورها الابتعاد لحظة عن صندوق النقد الدولي و سياسته الموجعة و التي سيكون لها تأثير مباشر على الشعوب قبل الحكومات.

جدولة الديون والوقوع في المحظور 

بالنظر لما ذكرنا بخصوص الازمات المتلاحقة التي تعيشها دول شمال افريقيا  فانه من الصعب على هاته الدول الاستمرار في سداد ديونها لصندوق النقد الدولي و للدول المقرضة و كذلك ستجد نفسها مضطرة لمزيد التداين .

وهنا يقول خبراء في صندوق النقد الدولي و البنك الدولي أنه ليس أمام هاته الدول هامش مناورة كبير خاصة اذا ما طال أمد الحرب الروسية الأوكرانية و بالتالي فان الحل يبقى هو جدولة الديون و الذي يبدو ظاهريا يحقق راحة للدّائن و المدين وتحقق لهما فوائد اقتصادية، حيث أنها تضمن للدائن الحصول على أمواله يوما ما، وفي الوقت نفسه تعطي للمدين فترة تأجيل تتيح له إعادة ترتيب أوضاعه الاقتصادية والتجارية.

غير أن هذه العملية تعدّ آخر الكيّ كما يقول المثل العربي الذي تقدم عليه دولة ما   حيث لا تخلوهذه المغامرة من شروط قاسية تؤثر في الحياة اليومية للمواطنين . وتتعلّق بسعر الفائدة، أو بآجال استحقاق الدفعات عبر تمديد فترة السداد أو بهما معا.اضافة الى اجبار هاته الدول على انتهاج سياسات اقتصادية انكماشية تقضي بخفض النفقات في الميزانية العامة ورفع الضرائب على الأفراد والشركات  مما يعمق مشكل المديونية قبل أن يحلّها بسبب تراجع النمو الناجم عن تدني مستويات الاستهلاك والاستثمار، وتترتب عليه تكلفة اجتماعية وسياسية عالية، خاصة البطالة والفقر والاحتقان السياسي و الاجتماعي .

وعادة ما يوافق صندوق النقد الدولي على اعادة جدولة الديون عبره مباشرة أو عبر نادي باريس أو نادي لندن لكن تبقى مسألة شطب الديون أو جزء منها اجراء لايتّبعه صندوق الدولي و الهدف من ذلك ابقاء هاته الدولة تحت سيطرته المالية .

- الإعلانات -

#صندوق #النقد #الدولي #المستعمر #المتجدد #دول #شمال #افريقيا #نموذجا

تابعوا Tunisactus على Google News

- الإعلانات -

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد