منشور يمنع دخول المنتقبات للمدارس القرآنية يثير جدلا بتونس
تونس-آمال الهلالي
فجّر منشور صادر عن الرابطة التونسية للقرآن الكريم، وهو ائتلاف يضم أكثر من ستمئة جمعية قرآنية، يقضي بمنع المنتقبات من دخول المدارس القرآنية، موجة جدل. بينما وصفت منظمات حقوقية ونواب في البرلمان القرار الذي تضمنه المنشور بغير الدستوري.
وأصدر الشيخ محمد مشفر بصفته رئيسا للرابطة القرآنية، منذ أيام، منشورا مكتوبا موجها لجميع رؤساء فروعها دعاهم خلاله لتطبيق مرسوم حكومي صادر عن رئاسة الجمهورية منذ شهر يوليو/تموز 2019، يتعلق بمنع دخول المنتقبات للمؤسسات والمنشآت الحكومية.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد، قد وقع في يوليو/تموز 2019 مرسوما حكوميا يمنع بمقتضاه كل شخص غير مكشوف الوجه من دخول مقرات الإدارات والمؤسسات العمومية، على إثر عمليتين إرهابيتين عاشتهما العاصمة.
يوسف الشاهد وقع مرسوما حكوميا يمنع بمقتضاه كل شخص غير مكشوف الوجه من دخول مقرات الإدارات والمؤسسات العمومية (الجزيرة)
بيان توضيحيونشرت الرابطة القرآنية عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك بيانا توضيحيا على إثر الجدل الذي رافق قرار رئيس الرابطة القرآنية، أوضحت خلاله استئناسها بالمنشور الصادر عن الحكومة “عند الاقتضاء وبحسب ما تقتضيه المصلحة”.
ولفتت إلى أن هذا المنشور لا يكتسي صبغة إلزامية، وتمت صياغته بطلب من بعض الفروع الجهوية للرابطة، والتي قالت إنها تعيش ضغوطا مختلفة.
بالمقابل، دعت الرابطة مرتاديها من السيدات والمنتقبات إلى ضرورة التمسك بالهوية وتجنب كل ما من شأنه أن يخالف التراتيب والقوانين الجاري بها العمل بالبلاد التونسية.
وسارع رئيس الرابطة الشيخ محمد مشفر لنشر كلمة مصورة، دافع خلالها عن خيارات الرابطة، مؤكدا أن الاستئناس بمنشور رئاسة الحكومة القاضي بمنع المنتقبات من دخول المؤسسات العمومية تم اتخاذه إثر التشاور مع بقية أعضاء الرابطة.
وأوضح أنه لم يكن يوما ضد الخمار والحجاب أو “ما يسمى بالنقاب” لكنه استدرك قائلا “نحن ضد كل من يريد ضرب الهوية التونسية، ولم نمنع أي امرأة في تونس من التمسك بلباسها التقليدي كالسفاري والعجار مثلا”.
وفي هذا الخصوص، أكد أحمد البدوي رئيس جمعية “دار القرآن” -وهي إحدى الجمعيات المنضوية ضمن الرابطة الوطنية للقرآن الكريم- في حديثه للجزيرة نت حرصهم على تطبيق ما جاء في منشور الرابطة، لافتا إلى أن مرتادي المدرسة الجدد من الراغبات في حفظ القرآن أو تحفيظه سيقع إلزامهن بخلع النقاب.
وتواصلت الجزيرة نت مع أكثر من جمعية قرآنية تنضوي تحت الرابطة، حيث أكدت بدءها بتطبيق المنشور القاضي بمنع دخول المنتقبات إلى مدارس تحفيظ القرآن.
النائب محمد العفاس أكد استعداده الدفاع عن أي منتقبة يتم منعها من دخول المدارس القرآنية (مواقع التواصل الاجتماعي)
مخالف للدستوروعبرت منظمات حقوقية عن رفضها لما جاء في نص منشور الرابطة الوطنية للقرآن الكريم، ووصفه بغير الدستوري ولا القانوني، حيث أكد رئيس مرصد الحقوق والحريات بتونس “أنور أولاد علي” للجزيرة نت تقدمهم بطعن لدى الجهات القضائية ضد منشور رئيس الحكومة لمخالفته حرية الضمير والمعتقد التي نص عليها الدستور.
واعتبر أن استئناس رئيس الرابطة القرآنية الشيخ محمد مشفر بمنشور ترتيبي تم توجيهه للمنشآت والمؤسسات العمومية، يعد خرقا آخر للقانون باعتبار أن الرابطة ليست مؤسسة حكومية بل هي ائتلاف جمعياتي لا يشملها هذا المنشور الحكومي، وفق تقديره.
ولم يستبعد علي أن تكون دوافع رئيس الرابطة القرآنية من خلال هذا المنشور بمنع النقاب، شخصية، كمحاولة منه للتقرب لأطراف سياسية بعينها في وقت تعيش فيه البلاد على وقع مخاض عسير لتشكيل الحكومة.
واستنكر في ختام حديثه محاولة بعض الأطراف جر البلاد إلى مربع الصراعات الأيديولوجية، وإحداث فتنة داخل المجتمع التونسي بجميع توجهاته الفكرية والثقافية.
بدوره، أكد النائب عن “ائتلاف الكرامة” محمد العفاس في حديثه للجزيرة نت استعداده للدفاع عن أي منتقبة تمنع من دخول أي مدرسة لتحفيظ القرآن، منتقدا قرار الرابطة القرآنية، والذي وصفه بغير الدستوري.
كما أثار قرار الرابطة القاضي بتطبيق المنشور الحكومي حول منع المنتقبات من دخول المؤسسات العمومية، جدلا بين رواد ونشطاء التواصل الاجتماعي بين مساند ومعارض.
الصورة من المصدر : www.aljazeera.net
مصدر المقال : www.aljazeera.net